الثلاثاء، 15 فبراير 2011

أهداف متحركة

بقلم: سيمور هيرش
ترجمة بثينة الناصري

نشرت الترجمة في 20 كانون الأول 2003

خطة البنتاغون السرية لتفكيك وتصفية المقاومة العراقية . الاستراتيجية والتكتيك
 


اصطياد البشر:

صادقت ادارة بوش على تصعيد هام في حرب القوات الخاصة السرية في العراق. ومن خلال مقابلات اجريتها في الشهر الماضي مع مسؤولين امريكان ومسؤولين سابقين اتضح ان الهدف الرئيسي هو تصفية مجموعات البعثيين الذين يقفون وراء الكثير من اعمال المقاومة السرية ضد جنود الولايات المتحدة وحلفائها.

وقد تكونت مجموعة قوة خاصة سميت (قوة المهمة 121 Task force 121-)
جمع افرادها من قوات دلتا والقوات الخاصة البحرية ووكالة المخابرات المركزية وقوات اخرى من القطاع الامني الخاص على ان يقدموا تقريرا بالنتائج في كانون الثاني/ يناير . على رأس اولويات هذه القوة : تحييد المتمردين البعثيين بالاعتقال او الاغتيال.

ان اعادة احياء عمليات القوة الخاصة هو انتصار لسياسة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي جاهد سنتين من اجل ان توافق القيادة العسكرية على خطته التي يسميها (اصطياد البشر manhunt) وهو تعبير يستخدمه علنا في احاديثه وسرا في مخاطباته الرسمية الداخلية.

ومن اجل قبول خطته ، كان عليه ان يستبدل الكثير من قادة البنتاغون ، وقد اخبرني مستشار في وزارة الدفاع الامريكية (ان الاطاحة بنظامين تبيح لنا ان نفعل امورا غير اعتيادية) مشيرا الى افغانستان والعراق.

الدور الصهيوني:

كانت احدى الخطوات التي اتخذها البنتاغون في حربه ضد المقاومين العراقيين هو السعي الى الاستعانة بالمساعدة الفعالة والسرية (لاسرائيل) الحليف الاقرب الى امريكا في الشرق الاوسط. وطبقا لمسؤولين في الجيش والمخابرات الامريكية والاسرائيلية ، فقد تعاونت وحدات الكوماندوز والمخابرات الاسرائيلية بشكل مكثف مع نظرائهم في معسكر تدريب القوات الخاصة في فورت براج بشمال كارولينا وايضا في اسرائيل للاعداد لتنفيذ العمليات في العراق.

ويتوقع ان يقوم الكوماندوز الاسرائيليين بادوار استشارية سرية عندما تبدأ العمليات على نطاق واسع (يرفض الدبلوماسيون في البنتاغون واسرائيل التعليق ، وقد قال لي مسؤول اسرائيلي: لا احد يريد التحدث في هذا الموضوع. انه موضوع ملتهب . وقد اتفقت الحكومتان على اعلى المستويات انه من مصلحتهما معا ان يظل التعاون الامريكي – الاسرائيلي في العراق سرا.).

اختراق المقاومة:

ومازال هناك جدل كبير حول مااذا كان استهداف عدد كبير من الافراد هو اسلوب عملي او سياسي فعال لاحداث الاستقرار في العراق في ظل فشل القوات الامريكية المتكرر في الحصول على مصادر معلومات ثابتة وموثوق بها هناك .

ويحاول الامريكان في الميدان حل المشكلة بايجاد مصدر معلومات جديد : انهم يخططون لتجميع فريق من كبار مسؤولي المخابرات العراقية السابقة وتدريبهم على اختراق المقاومة بهدف الحصول على معلومات عن المقاومة ليتصرف على ضوئها الامريكان.

وقد وصف مسؤول في وكالة المخابرات المركزية هذه الاستراتيجية بتعبير بسيط (قناصون امريكان ومخابرات عراقية. هناك عراقيون في المخابرات لديهم فكرة افضل ونحن نتصل بهم . علينا ان نحيي المخابرات العراقية ، نسد انوفنا ، ونترك قوات دلتا وقناصي الوكالة يحطمون الابواب ويقبضون على المقاومين.)

ويقول مسؤول مخابرات سابق انه يمكن مقارنة اختراق القيادة البعثية باختراق بعملية كسر ثمرة جوز الهند . تظل تضرب وتضرب حتى تجد نقطة ضعيفة وعند ذاك تفتحها وتنظفها.)

ويقول امريكي عمل مستشارا لسلطة التحالف المؤقتة في بغداد (ان الطريقة الوحيدة للانتصار هي ان نتبع وسائل غير تقليدية . يجب ان نلعب لعبتهم : رجال عصابات ضد رجال عصابات. يجب ان نرهب العراقيين حتى نستطيع اخضاعهم).

تطويراساليب جديدة:

في واشنطن هناك اتفاق واسع على نقطة واسعة: الحاجة الى اسلوب امريكي جديد في العراق. كما ان هناك اتفاق عام على انتقاد ردود افعال القوات الامريكية على قوائم الاصابات الامريكية المتزايدة. يقول احد مسؤولي البنتاغون السابقين الذي عمل لوقت طويل مع قيادة القوات الخاصة والذي يؤيد ضرورة ايجاد اسلوب امريكي جديد: ( لدينا هذه القوات التقليدية الكبيرة الموجودة هناك وهي اهداف سهلة ، ومانفعله بدون جدوى . اننا نبعث اشارات مختلطة) ويقول ان مشكلة الاسلوب الذي تحارب به الولايات المتحدة القيادة البعثية هي : (أ) ليس لدينا استخبارات (ب) لدينا حساسية في التعامل مع هذه المنطقة من العالم ) ويأتي بمثال ( الرد الامريكي على موقع يحتمل وجود مدفع هاون فيه، بدلا من تدمير ملعب كرة قدم فارغ، لماذا لاتبعث فريق قناصين لقتلهم وهم ينصبون المدفع؟).

ويزداد اليقين داخل البنتاغون ان مجرد اعتقال او اغتيال صدام حسين مع الحلقة المحيطة به لن يوقف اعمال المقاومة.

اما عمليات القوات الخاصة الجديدة فهي تستهدف الوسط العريض للبعثيين الذين يعملون في الخفاء ، ولكن الكثير من المسؤولين الذين تحدثت معهم عبروا عن خشيتهم من ان تتحول الخطة المقترحة المسماة (اصطياد البشر الوقائي) الى برنامج فينكس آخر كما قال مستشار في البنتاغون .

برنامج فينكس phoenix :

فينكس هو الاسم الحركي لبرنامج مضاد للمقاومة الفيتنامية نفذته الولايات المتحدة اثناء حرب فيتنام حيث كانت فرق القوات الخاصة تقوم باعتقال او اغتيال الفيتناميين الذين يعتقد انهم يعملون مع الفيتكونج او يتعاطفون معهم. وكان اختيار الاهداف يعتمد بشكل كبير على ضباط جيش فيتنام الجنوبية ورؤساء القرى . وقد خرجت العملية عن نطاق السيطرة فطبقا لاحصائيات فيتنامية جنوبية رسمية قام برنامج فينكس بقتل حوالي 41 ألف ضحية مابين الاعوام 1968 و1972 معظمهم لاعلاقة له بالحرب ضد امريكا ولكنهم استهدفوا من اجل الثأر لضغائن وعداوات سابقة. وقد أقر وليام كولبي ضابط وكالة المخابرات المركزية الذي كان مسؤولا عن هذا البرنامج عام 1968 (واصبح فيما بعد مديرا للوكالة) امام الكونغرس بأن (كان يجب الا يحدث الكثير مما حدث).

وقد حذر مسؤول القوات الخاصة السابق من ان مشكلة اصطياد الرؤوس هي انك يجب ان تكون على يقين من ان (الرؤوس التي تصطادها ، هي الرؤوس الصحيحة) واشار الى مسؤولي المخابرات العراقية السابقين بقوله ( هؤلاء لديهم اجندتهم الخاصة . هل نضرب لنثأر لهم؟ عندما تجند عناصر من الدولة (المضيفة) بدلا من الامريكان من الصعب ان تمنعهم من القيام بما يودون عمله . يجب ان تظل السلسلة الذي تربطهم بها قصيرة).

الثعلب الرمادي Grey Fox:

ويقول المسؤول السابق ان القيادة البعثية تعتمد كما يبدو واضحا في تخطيطها للهجمات (الارهابية) على (الاتصال الشخصي المباشر) وهذا يجعلهم اكثر منعة امام احدى اكثر وحدات القوات الخاصة السرية التي تعرف باسم (الثعلب الرمادي) وهي خبيرة في تقاطع واختراق المكالمات الهاتفية ووسائل الاستخبارات التقنية الاخرى. (هؤلاء الاشخاص (المقاومين) اذكى من ان يقتربوا من هواتف نقالة او اجهزة راديو . بل انهم يتعاملون مع الاستخبارات البشرية).

وقد ذكر مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية وله خبرة واسعة في الشرق الاوسط ان احد اهم اللاعبين في فريق المخابرات الامريكي العراقي الجديد هو فاروق حجازي احد الموالين لصدام والذي عمل لسنوات طويلة مديرا للعمليات الخارجية للمخابرات العراقية . وقد القي القبض عليه منذ نيسان/ ابريل . ويقول رجل المخابرات المركزية انه في الاشهر القليلة الماضية عقد حجازي (صفقة) والمسؤولون الامريكان (يستخدمونه لاحياء شبكة المخابرات العراقية القديمة)، ويضيف (كثير من اصدقائنا العراقيين يقولون انه سينفذ بنود الصفقة ولكن حرفيا وليس روحيا).

الطيب والشرير:

ويقول المتحدث ايضا انه رغم ان المخابرات العراقية كانت مؤسسة امنية جيدة واستطاعت على وجه الخصوص حماية صدام حسين من الاطاحة به او اغتياله ولكن عملها كان رديئا. انها ليست الطريقة التي نلعب بها الكرة . اذا رأيت مقتل بعض رجالك ، تتغير الامور. لقد قمنا حتى الان بالعمل على الطريقة الامريكية . كنا الشخص الطيب . الان سنكون الشخص الشرير. والاعمال الشريرة هي التي تغير الامور.)

عندما نقلت هذه التعليقات الى مستشار البنتاغون وهو خبير في الحرب غير التقليدية قال ممتعضا ( هناك البعض الذي يقول اشياءا خيالية عن عملية (اصطياد البشر) ولكنهم ليسوا في مستوى صانعي السياسة. يمكن ان فظا مثل أي شخص آخر ولكننا مجتمع ديمقراطي ولانحارب الارهاب بالارهاب. سيكون هناك الكثير من التحكم في الامور وقواعد افعل هذا ولاتفعل ذاك . المشكلة اننا لم نخترق الاشرار بعد . وحزب البعث يدار مثل نظام خلية. المسألة مثل اختراق الفيتكونج الذي لم نقدر عليه ابدا.)

اعرف عدوك : كامبوني و بويكن :

النجم الصاعد في ادارة البنتاغون هذه الايام هو ستيفن كامبوني (Stephen Cambone) نائب وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات الذي كان من مؤسسي فكرة القوات الخاصة الجديدة. وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة Claremont Graduate University عام 1982 وعمل مديرا للجنة 1998 التي رأسها رامسفيلد والتي حذرت في تقريرها من ظهور تهديد صاروخي بالستي للولايات المتحدة واقترحت بأن تذهب وكالات الاستخبارات في تحليلاتها الى ماهو ابعد من البيانات المتوفرة تحت اليد. وقال كامبوني امام الكونغرس في شباط/ فبراير ان مستهلكي التقديرات الاستخباراتية يجب (ان يسألوا المحللين : كيف توصلتم الى هذه النتائج وماهي مصادر المعلومات؟).

وقد حظي هذا النهج بتأييد رامسفيلد . ولكنه تعرض للهجوم عندما لم تتحقق تنبؤات الادارة حول اسلحة الدمار الشامل العراقية وامكانية قيام مقاومة عراقية ، وقد اتهم المدنيون في البنتاغون بتسييس الاستخبارات. (بعد شهر من سقوط بغداد ، كان كامبوني اول مسؤول بنتاغون يعلنن علىالملأ بشكل خاطيء كما توضح فيما بعد، بأن سيارة نقل عسكرية عراقية تم التحفظ عليها يمكن ان تكون معمل انتاج اسلحة بيولوجية متنقل).

ويتفق كامبوني ايضا مع آراء رامسفيلد في كيفية محاربة الارهاب. كلاهما يؤمن بأن الولايات المتحدة تحتاج الى ان تكون اكثر فعالية في محاربة الارهاب، بالبحث عن قادة الارهابيين حول العالم وتصفيتهم . وقد شعر كامبوني – مثل رامسفيلد -بالاحباط بسبب تردد القيادة العسكرية في تبني مهمة (اصطياد البشر) . ويسعى كامبوني الان لأن تكون له سلطة ادارة القوات الخاصة . وقد اخبرني مسؤول بنتاغون رفيع المستوى سابق (كان رامسفيلد يبحث عن شخص لديه كل الاجابات وستيف هو ذلك الشخص. وهو على اتصال مباشر مع رامي (اسم الدلع لرامسفيلد) اكثر من أي شخص آخر.)

ومع تصاعد تأثير كامبوني ، يقل تأثير دوجلاس فيث نائب وزير الدفاع للشؤون السياسية . في ايلول/سبتمبر 2001 ، انشأ فيث وحدة خاصة اطلق عليها اسم (مكتب الخطط الخاصة) وقد لعب هذا المكتب الذي يديره مدنيون من المحافظين الجدد مثل فيث ، دورا كبيرا في الاستخبارات والتخطيط الذي ادى الى غزو العراق في مارس.. ويقول احد كبار الجمهوريين (ان المحافظين الجدد يتراجعون).

ولاعب كبير اخر في عمليات القوات الخاصة هو الفريق وليام (جيري) بويكن Boykin مساعد كامبوني العسكري ، والذي اصبح مقربا جدا من رامسفيلد بعد ان التقى به في اوائل الصيف الماضي حتى اصبحا مثل (اثنين من المحاربين القدماء) كما يصفهما مستشار البنتاغون . وقد اجل بويكن موعد تقاعده الذي كان من المقرر ان يكون في حزيران/يونيو وتسلم وظيفة البنتاغون التي اضافت الى رتبته نجمة ثالثة. وبذلك المنصب كما يقول مستشار البنتاغون اصبح بويكن (قطعة مهمة ) من خطة التصعيد. في تشرين اول/اكتوبر ، نشرت صحيفة لوس انجليس تايمز ان بويكن اثناء حديث الاحد الصباحي امام رواد احدى الكنائس قرن الاسلام اكثر من مرة بالشيطان. ففي حزيران/ يونيو الماضي وطبقا للصحيفة قال بويكن امام جمع كنسي في ولاية اوريغون (الشيطان يريد ان يدمر هذه الامة . يريد ان يدمرنا كأمة ، ويريد ان يدمرنا كجيش مسيحي) وقد اثنى على الرئيس بوش باعتباره (الرجل الذي يصلي في المكتب البيضاوي) واعلن ان بوش لم يكن رئيسا (منتخبا) وانما (مفوضا من قبل الرب) وقال ايضا ان العالم الاسلامي يكره امريكا (لأننا عب من المؤمنين).

إثر ذلك ظهرت نداءات في الصحف والكونغرس تطالب بإقالة بويكن ولكن رامسفيلد اكد على انه يريد الاحتفاظ بالرجل في منصبه. وقد رد على تقرير الجريدة بامتداح (السجل المشرف) للرجل وقال للصحفيين بأنه لم يقرأ نص تصريحات بويكن كما لم يشاهد شريط الفيديو لخطابه . وقال (نحن اناس احرار وهذا ماهو رائع في بلدنا). وبالنسبة للشريط فقد قال ( لا أستطيع التعليق لأنني ببساطة لم اشاهده) وبعد اربعة ايام قال في مؤتمر صحفي انه شاهد الشريط (فيه كلمات كثيرة يصعب فهمها وعناوين فرعية كثيرة لم استطع التأكد منها) واضاف وهو يضحك ( ولهذا اظل معدوم الخبرة بما قاله بالضبط).

وقبل ذلك كان بويكن مثال جدل ايضا حين كان قائد المعارك العسكرية في مقاديشو عام 1993 عندما ذبح 18 جندي امريكي خلال مهمتهم الفاشلة التي كتب تفاصيلها مارك باودين في كتابه (اسقاط البلاك هوك) الذي نشر في اوائل ذلك العام.

وايضا حين كان بويكن برتبة كولونيل ، قاد فريقا مكونا من 8 رجال من قوات دلتا مهتهم مساعدة الشرطة الكولومبية في تعقب بابلو اسكوبار تاجر المخدرات الشهير . وحسب القانون كان محظورا على فريق بويكن التورط في القتل بدون موافقة رئاسية ولكن كان هناك شكوك في البنتاغون ان الفرقة تخطط للمشاركة في اغتيال اسكوبار بمساعدة موظفي السفارة الامريكية في كولومبيا . ويصف مارك باودين ايضا في كتابه (قتل بابلو) تفاصيل مطاردة اسكوبار وكيف تيقن مسؤولون في قيادة البنتاغون بأن بويكن ، قد تجاوز صلاحياته وينوي انتهاك القانون وبعلم رؤسائه في القوات الخاصة الذين ارادوا سحبه ولكن ذلك لم يحدث. وقد قتل اسكوبار على سطح بناية في ميدلين ، بفضل الشرطة الكولومبية ولكن كما كتب باودن ( في داخل مجتمع العمليات الخاصة ، اعتبر موت بابلو مهمة ناجحة لفريق دلتا ، باعتبار انهم من قام بالمهمة). ويقول جنرال متقاعد كان يشرف على عمليات بويكن في كولومبيا ( هذا مافعله اولئك الرجال. لقد رأيت صورا لجثة اسكوبار لم تلتقط بعدسات كاميرا بعيدة المدى ولكن التقطت بواسطة كاميرات اعضاء الفريق).

تفكيك المقاومة:

يجري الان التعاون بين امريكا واسرائيل في مجال التدريب على كيفية تفكيك المقاومة . وقد لخص ضابط مخابرات عسكريةاسرائيلية سابق ان التدريب يركز على ( كيف تقوم بقتل مستهدف وهو أمر ضروري للنصر في الحرب ، ومايجب على الولايات المتحدة ان تفعله). وقال لي ان الاسرائيليين حثوا الامريكان على محاكاة وحدات الكوماندوز الصغيرة التابعة للجيش الاسرائيلي والمسماة (مستعرافيم) والتي تعمل ي الخفاء داخل الضفة الغربية وقطاع غزة ويقول انه حسب الرؤية الاسرائيلية يجب ان تتعلم القوات الخاصة (كيف تكون شبكة من المخبرين ) فمثل هذه الشبكة مكنت اسرائيل من اختراق منظمات الضفة الغربية وقطاع غزة التي يسيطر عليها جماعات مثل حماس واغتيال او اعتقال الانتحاريين المحتملين وكثير من الاشخاص الذين يرعونهم ويدربونهم.

ومن جهة اخرى يقول الضابط الاسرائيلي السابق ( لقد نجحت اسرائيل نجاحا كبيرا واستطاعت ان تقتل او تعتقل كثير من الحلقات الوسطى في المستوى العملياتي في الضفة العربية ، وحماس الان عبارة عن خلايا معزولة تقوم بمفردها بالهجمات الارهابية ضد اسرائيل ، فليس هناك مركز سيطرة على كثير من الانتحاريين . اننا نحاول ان نقول للامريكان انه ليس هناك حاجة لتصفية المركز. مفتاح القضية هو الا يكون هناك افراد مستقلون يعملون لحسابهم الخاص.)

ويرى كثير من الخبراء الاقليميين : امريكان وغيرهم ، بأن البعثيين مازالوا مسؤولين عن اعمال المقاومة رغم ان علاقتهم المباشرة بصدام حسين ضعيفة. وقد اخبرني محلل عسكري يعمل مع سلطة التحالف في بغداد ان استنتاجاته تؤكد ان (البعثيين في الصفوف الوسطى من الحزب والذين لم يجدوا فرصتهم سابقا بسبب طبيعة تسلسل المراتب في نظام صدام ، قد نهضوا الان باختفاء اصحاب الرتب العليا في الحزب ، وتصدوا لقيادة المقاومة).

من هم المقاومون ؟

ويقول انه بعد الهجوم الامريكي وبعد عدة اسابيع من (العشي البصري مثل غزال تفاجئه انوار باهرة ) اعاد هؤلاء البعثيين تنظيم انفسهم وهم الذين يوجهون ويقودون العمليات ضد الامريكان. وفي واشنطن وخلال مقابلة مع دبلوماسي عربي بارز قال ( لانعتقد ان المقاومة موالية لصدام . نعم اعاد البعثيون تنظيم انفسهم ليس لاسباب سياسية ولكن بسبب القرارا ت الفظيعة التي اصدرها جيري بريمر. ان العراقيين يريدونكم فعلا ان تدفعوا الثمن ، وقتل صدام لن ينهي ذلك ).

وبنفس المعنى ، قال لي رجل اعمال شرق اوسطي كان يقدم النصح لمسؤولين كبار في ادارة بوش ، بأن حزب البعث المعاد تنظيمه (نشيط جدا ويعمل تحت الارض باتصالات داخلية دائمية وبدون صدام حسين ) ويقول ان قادة حزب البعث يتوقعون من صدام ان يصدر بيانا رسميا يتضمن انتقادا ذاتيا حول اخطائه وتجاوزاته وبضمنها اعتماده على ولديه.

وفي نفس الوقت هناك اختلاف في الاراء حول مدى سيطرة حزب البعث على اعمال المقاومة . يقول ضابط المخابرات العسكرية الاسرائيلية السابق ( معظم الهجمات تأتي من البعثيين وهم علىعلم بأماكن تخزين الاسلحة ولكن كثير من المهاجمين ايضا هم من اصول عرقية وعشائرية . العراق منقسم الان الى طوائف كثيرة وداخل المجتمع السني تطرف عميق ومالم تتم تسوية هذه الاوضاع فأي جهود لاعادة اعمار المركز ستذهب هباء)
ويتفق مع هذا الرأي محلل عسكري امريكي يقول ان التركيز الراهن على البعثيين تغفل الجانب القومي والعشائري . ويأتي بمثال القوات المناهضة للاحتلال في الفلوجة وهي احدى مراكز المقاومة الرئيسية (يقودها بشكل اساسي رجال الدين والجوامع . الاسلام ورجال الدين والاحساس القومي) ويقول ان هذه المنطقة تحوي (عشرات الالوف من ضباط وجنود الجيش العراقي السابق العاطلين الذين يتسكعون حول مقاهي ومطاعم اقاربهم نهارا . .يخططون ويعطون ويتسلمون التعليمات وفي الليل ينفذون المهمات.)

تكتيكات المقاومة:

وينتقد هذا المحلل العسكري – مثل كثير من المسؤولين الذين تحدثت معهم – التكتيكات التقليدية التي يقوم بها الجيش الامريكي الان متمثلة بالبرنامج المضاد المكثف المسمى (المطرقة الحديدية) : القصف والمداهمات الليلية والاعتقالات الجماعية في مناطق وسط العراق السنية. قال لي ان المقاومين قد لجأوا الى تكتيك مضاد ( انهم ينفذون الان هجماتهم في اماكن بعيدة او حتى مدن اخرى لئلا ينصب الانتقام الامريكي على مناطقهم الاصلية وبالمقابل يقوم الامريكيان بالانتقام من المدن التي تقع فيها الاحداث الجديدة ، وبهذا يخلقون اعداءا جدد.)

ان الهجومين العراقيين الجريئين والمنفصلين على قوافل امريكية في سامراء يوم 30/11/2003 هما شاهدان على تنوع المعارضة للاحتلال. لقد كانت سامراء دائما مركز المشاعر المناهضة لصدام حسبما يرى احمد هاشم وهو خبير في الارهاب واستاذ الدراسات الاستراتيجية في كلية الحرب البحرية الامريكية. في مقالة له نشرها في آب/اغسطس معهد الشرق الاوسط ، يقول هاشم ( كثير من سكان سامراء الذين خدموا بامتياز في حزب البعث او القوات المسلحة تمت تصفيتهم واعدامهم خلال حكم صدام ) ويقول ايضا ( ان نوع بناء القوات العسكرية في العراق – التسليح الثقيل وميكنة الوحدات والحالة النفسية للجنود الموجودين في العراق منذ شهور ، كل ذلك لايهيء لشن حرب ناجحة ضد المقاومة )

وتظل معظم مهمات (اصطياد البشر) التي تقوم بها ادارة بوش سرية ولكن احدى مهماتها المبكرة في افغانستان كان لها آثار مختلطة . في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ، قتل في اليمن احد قادة القاعدة وهو قائد سالم سنان الحارثي عندما اطلق على السيارة التي تقله ، صاروخ من نوع (هيلفاير) من طائرة موجهة بدون طيار. وقد قتل معه ايضا خمسة من ركاب السيارة ، واذيع فيما بعد ان مهمتين مماثلتين قد الغيتا في اللحظة الاخيرة بعد العلم ان ركاب السيارات المستهدفة كانوا من البدو وليسوا اعضاء في القاعدة.

ومنذ ذلك الحين ، كما اخبرني مستشار لقيادة القوات الخاصة فإن المعارك الداخلية بين كبار قادة الجيش جعلت من الصعب على فرق القوات الخاصة العاملة في الميدان ان تستفيد من استخبارات اللحظة الآنية.

وقد انتقد رامسفيلد تكرارا جنرال القوات الجوية تشارلز هولاند وهو قائد للقوات الخاصة ويحمل اربع نجوم وقد تقاعد مؤخرا ، على تردده في منح صلاحيات هجمات كوماندوز بدون معلومات استخباراتية محددة او (قابلة للتحرك) كما قام رامسفيلد بجهد منظم ليشغل المناصب العسكرية العليا بمسؤولين من القوات الخاصة. مثلا استدعي قائد قوات خاصة سابق هو الجنرال بيتر سكوميكر من منزله بعد تقاعده في تموز/ يوليو ، ومنح منصب رئيس اركان حرب . كما ان المساعد المدني الجديد لوزير الدفاع لشؤون العمليات الخاصة توماس اوكونيل كان ضابطا في الجيش وقد خدم في برنامج فينكس في فيتنام وفي اوائل الثمانينات ادار وحدة الكوماندوس العسكرية السرية المسماة (الثعلب الرمادي).

في اوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، نشرت صحيفة ( التايمز) خبر تشكيل ( قوة المهمة 121 ) وقالت الصحيفة ان هذه القوة مفوضة لتنفيذ مهامها في كل المنطقة اذا لزم الامر من اجل مطاردة صدام حسين وبن لادن وارهابيين آخرين. (يقود هذه القوة طيار مروحية للقوات الخاصة سابقة هو العميد لايل كوينيج Lyle Koenig) . ومهمة هذه القوة العثور على صدام حسين وبقية الشخصيات المطلوبة ومهمتهم في افغانستان هي استهداف قائمة كبار قياديي القاعدة.


كانت مهمة البحث عن صدام حسين مثبطة للعزائم منذ البداية ، وكما يقول سكوت ريتر مفتش الاسلحة السابق انه قام منذ 1994 الى 1998 بإدارة وحدة خاصة بالامم المتحدة للتصنت على الاتصالات الهاتفية الشخصية لصدام حسين (اتهمه العراقيون بذلك وطردوه في حينها ولكن الادارة الامريكية كذبت الحكومة العراقية – دورية العراق) ويقول ريتر (كبار الرجال المحيطين بصدام هم من يطلق عليهم لقب (مرافقين) وهم من اشد الموالين له والذين يسمح لهم بالوقوف الى جانبه حاملين مسدساتهم . ولكنه الان ذهب الى طبقة مختلفة – العشائر. لقد سمح لأعضاء اكثر وحداته حساسية ليعودوا الىعشائرهم ، ولانعرف اين هم الان . وقد اختفت بيانات هذه الوحدات ، دمرت كلها . واشخاص مثل فاروق حجازي يمكن ان يسلمنا بعض خلايا حزب البعث كما انه يعرف اين يجد بعض رجال المخابرات ولكنه لايستطيع ان يوصلنا الى التسلسل الهرمي للقبيلة.)

اضافة الى تشكيل القوات الخاصة الجديدة ، يبحث البنتاغون امكانية انتهاج سبل اخرى للقضاء على المقاومة.
نشرت صحيفة الواشنطن بوست الاسبوع الماضي (نشرت المقالة في 15/ 12/2003) ان السلطات الامريكية في بغداد وافقت بشيء من التردد على تشكيل ميليشيا عراقية مضادة للارهاب تتكون من قوات خمسة احزاب رئيسية في البلاد.
وهذه الوحدة التي ستضم حوالي 800 رجل (ستتعرف وتتعقب المتمردين) الذين لم يلق عليهم القبض حتى الان. وسوف تكون هذه المجموعة تحت اشراف القيادة الامريكية.

ايران والمقاومة (السنية):

المشكلة الثانية الرئيسية لقوة المهمة 121 هي ايران.

هناك جدل كبير داخل الادارة الامريكية حول اقتراحات المخابرات الامريكية والاسرائيلية بأن الحكومة الايرانية الشيعية قد تكون هي التي تساعد وتدعم المقاومة السنية في العراق.
ويقول مسؤول مخابرات سابق ان احد الردود المضادة الممكنة التي تبحثها الادارة هو تدريب وتجهيز قوة عراقية قادرة على القيام بمهمات عبر الحدود . وهدف الامريكان كما قال (ان يكون ثمن دعم البعثيين غاليا فتتراجع ايران . اما اذا بدا الامر وكأنه حرب ايرانية- عراقية جديدة ، فهذه قصة اخرى).

ميزة القوات الخاصة:

يقول احد كبار المستشارين السابقين للسلطة المدنية في العراق ان السرية التي تحكم عمل وحدات القوات الخاصة قد قدمت دافعا اضافيا لزيادة وجودهم في العراق . فهي لاتذكر عادة عند احصاء اجمالي القوات النظامية . وقد اعلن جورج ورامسفيلد مرارا بأنه ليس هناك حاجة لزيادة القوات الامريكية . ولكن العديد من الضباط الكبار الذين تحدثت معهم كذبوا هذا الادعاء (انك تحتاج المزيد من القوات ولكنك لاتستطيع اضافتهم لأن (رامي) اخذ موقفا لايتراجع عنه ، فعليك اذن ان تخترع قوة لاتحسب ضمن الجيش النظامي !)

وفي الوقت الراهن ، ليس هناك تشريع يلزم الرئيس الامريكي باحاطة الكونغرس قبل الموافقة على مهمات القوات الخاصة خارج البلاد . وقد توسعت القوات الخاصة كثيرا خلال ادارة بوش. حتى ان ميزانية البنتاغون لعام 2004 خصصت مايزيد على 5ر6 بليون دولار لتغطية مهماتها ، وهذه زيادة بنسبة 34% عن ميزانية 2003. وفي دراسة حديثة للكونغرس تبين ان اعداد القوات الخاصة العاملة والاحتياط هي 47 ألف 


وحسب رأس مسؤول مخابرات سابق فإن مثل هذه الوحدات الصغيرة للقوات الخاصة تقوم بالعمل افضل مما تفعله الوحدات الكبيرة للجيش النظامي ، وهو يتوقع تصاعد عملياتها وتوسعها عندما تبدأ باستهداف البعثيين ويقول
( من الناحية التقنية لايعتبر هذا اغتيالا ولكنه عمليات حربية اعتيادية).


نيويوركر تايمز 15/12/2003

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة خلال 30 يوما