كتب باء
بقلم : بثينة الناصري
بقلم : بثينة الناصري
في قصة لي بعنوان (المنزل)* كتبت عن قصر مهجور كان شاهدا على أيام عز أصحابه
ولم يعد يسكن فيه سوى سيدة قارب عمرها القرن تعاني من ذهول ونسيان فهي تعيش أغلب
أوقاتها في أوهام الماضي. وفي الحديقة التي كانت في الماضي جنة أزهار تتوسطها
نافورة ينهض من داخلها تمثال فينوس دي ميلو، يعيش ابراهيم ابن الجنايني والطباخة الذي تربى في جنبات
القصر، وعمل في شبابه في تنسيق الحديقة، ولكن بعد تغير الظروف وانعدام قدرة السيدة
على دفع أجرته، صار يعمل في حدائق الاخرين، ولكنه ظل هو وزوجته يسكنان في جراج
القصر ويوسعان المطرح كلما ولد لهما طفل. سيدة القصر المسنة تعاني من ذهول ونسيان
فهي تعيش في أغلب أوقاتها في أوهام الماضي. وابراهيم وزوجته يخدمانها ويطبخان لها
متفضلين، وقد امتدت آثارهما فشملت الحديقة كلها حيث زرعا الخضروات بدلا من
الأزهار، وحولا تمثال فينوس الذي يتوسط نافورة الحديقة الى فزاعة خضرة (خيال مآتة) يرتدي عباءة
سوداء لصد الطيور عن بذور الملوخية والبقدونس. والرجل وامرأته ينتظران بفارغ الصبر
أن تموت سيدة القصر لاحتلاله ايضا.
أردت
بالقصة التي أختصرها هنا، أن أرمز الى ظاهرة واضحة في حياتنا الحاضرة. ثقافة الريف
تزحف باستمرار لالتهام ثقافة المدينة، ولا يحدث العكس.