هذا اليوم 28 آب 2011 ذكرت انطونيا يوهاز* في صفحتها على تويتر أن مجلس الوزراء في العراق المحتل قد وافق على مسودة قانون النفط التي قدمت منذ 2007، وأحالت انطونيا القاريء الى مقالة لها بشأن تلك المسودة نشرتها عام 2007 في نيويورك تايمز ، وعلى موقعها هنا. وكانت قد جرت بيننا مراسلات في حينها وارسلت لها ترجمتي لمقالتها ومقالات اخرى لها، ونشرتها في حينها على موقع دورية العراق. وسترون من المقالة المشار اليها على موقعها انها تنبه القاريء الى ترجمة عربية للمقالة وتدرج رابطا قديما على (موقع دورية العراق) الذي لم يعد قائما. أعيد نشر المقالة في هذه المدونة .
اليوم اكثر من ثلاثة ارباع نفط العالم تملكه الحكومات . ولكن الحال لم يكن هكذا دائما. حتى الى ماقبل 35 سنة تقريبا ، كان نفط العالم بأيدي سبع شركات مقرها الولايات المتحدة واوربا. ومنذ ذلك الحين اندمجت هذه الشركات السبعة في اربع هي اكسون موبيل و شيفرون وشل والنفط البريطانية Bp . وهي من اكبر واقوى الامبراطوريات المالية في العالم . ولكن منذ ان فقدت هذه الشركات سيطرتها الحصرية على النفط الذي أممته الحكومات ، وهي تحاول استعادة نفوذها بأي شكل.
كان احتياطي نفط العراق – والذي يعتقد انه ثاني اكبر احتياطي في العالم – على رأس قائمة هذه الشركات . في عام 1998 قال كنيث دير وكان في حينها الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون في ندوة في سان فرانسيسكو "العراق يمتلك احتياطيات هائلة من النفط والغاز وهي احتياطيات احب ان تكون في حيازة شيفرون"
واذا تم تمرير قانون النفط العراقي الجديد الذي سيعرض على البرلمان العراقي هذا الشهر، سوف يكون الخطوة الاولى لتحقيق حلم شركات النفط. حسب القانون الجديد سوف يذهب معظم نفط العراق من ايدي الحكومة العراقية الى شركات النفط الدولية لمدة اجيال قادمة.
في مارس 2001 ، نصحت مجموعة سياسة الطاقة القومية (معروفة باسم قوة مهام ديك تشيني لشؤون الطاقة) والتي تضم رؤساء اكبر شركات الطاقة الامريكية ، بان تدعم حكومة الولايات المتحدة مبادرات لدول في الشرق الاوسط " من اجل فتح مجالات في قطاع الطاقة لديهم للاستثمار الاجنبي" وبعد غزو العراق و بعد الكثير من المناورات السياسية من قبل ادارة بوش ، يأتي قانون نفط العراق الجديد ليحقق هذا الهدف بالضبط والذي سيكون في صالح الشركات على حساب اقتصاد وديمقراطية وسيادة العراق.
منذ غزو العراق ، عملت ادارة بوش بقوة لتمرير قانون النفط . لقد اصبح احد الركائز المطلوبة من حكومة نوري المالكي وهي حقيقة يؤكدها بفخر ويدفع اليها بشدة، السيد بوش ووزيرة الخارجية كوندليزا رايس والجنرال وليام كيسي والسفير زلماي خليلزاد و بقية مسؤولي الادارة .
والادارة تروج لقانون النفط على انه سوف يحكم توزيع عائدات النفط بالعدل على قطاعات الشعب العراقي ولكن الحقيقةان القانون يسمح لمعظم عوائد النفط بالتدفق خارج البلاد الى جيوب الشركات العملاقة.
سوف يحول القانون صناعة النفط العراقية من نموذج التأميم المغلق امام شركات النفط الامريكية باستثناء عقود تسويق محدودة (ولكن سخية)، الى صناعة تجارية مخصخصة في معظمها مفتوحة بالكامل امام شركات النفط الدولية.
سيكون لشركة النفط العراقية الوطنية سيطرة حصرية على 17 من 80 من حقول النفط المعروفة ، مع ترك ثلثين من الحقول الاخرى الموجودة اضافة الى كل الحقول غير المستكشفة حاليا في ايدي الشركات الاجنبية .
ولن يكون ملزما للشركات الاجنبية استثمار ارباحها في الاقتصاد العراقي، او الشراكة مع العراقيين او توظيف عمال عراقيين او نقل التكنولوجيا الجديدة. بل انهم يستطيعون حتى تجاوز الاوضاع غير المستقرة حاليا في العراق بتوقيع العقود الان والحكومة العراقية بأضعف حالاتها ، ثم ينتظرون على الاقل سنتين قبل ان يضعوا اقدامهم في البلاد . وسيترك معظم نفط العراق تحت الارض لمدة سنتين بدلا من استخدامه في انعاش اقتصاد البلاد .
ويمكن ان تمنح الشركات العالمية افضل العقود الودية في العالم بضمنها مايسمى اتفاقيات مشاركة الانتاج . وهذه الاتفاقيات هي النموذج المفضل لصناعة النفط ولكنها ترفض غالبا من كل الدول المنتجة للنفط في الشرق الاوسط لأنها تمنح عقودا طويلة الآجال (20 الى 35 سنة في حالة قانون النفط العراقي الجديد) وسيطرة اكبر وملكية وارباح للشركات من اي نماذج اخرى . في الواقع مثل هذه العقود مستخدمة لما يقارب 12 % فقط من نفط العالم .
لدى جيران العراق مثل ايران والكويت والسعودية انظمة نفط مؤممة وقد رفضت هذه الدول السيطرة الاجنبية على تطوير مرافق نفطها وكل هذه الدول تستعين بشركات نفط عالمية كمقاولين لتوفير خدمات محددة حسب الحاجة ولمدة محدودة وبدون اعطاء الشركة الاجنبية اي مصلحة مباشرة على النفط المنتج.
وقد يختار العراقيون على الاكثر الاستعانة بخبرات الشركات الدولية . ومن المحتمل ان يفعلوا ذلك بما هو الافضل لمصالحهم اذا تخلصوا من الضغط الخارجي الهائل المتمثل بادارة بوش وشركات النفط ووجود اكثر من 140 الف جندي من الجيش الامريكي.
وقد اصدر خمسة اتحادات مهنية عراقية تمثل مئات الالوف من العمال بيانا يعارضون القانون ويرفضون:" تسليم السيطرة على النفط الى الشركات الاجنبية التي سوف تجور على سيادة الدولة وكرامة الشعب العراقي" وطالبوا بمزيد من الوقت وبرفع لضغوط وتوفير فرصة لممارسة الديمقراطية التي وعدوا بها "
**
انطونيا يوهاز : محللة تعمل في مجموعة دولية لمراقبة شركات النفط وهي مؤلفة كتاب "اجندة بوش: غزو العالم ، اقتصادا بعد آخر " وكتب اخرى .
بقلم : انطونيا يوهاز
ترجمة بثينة الناصري
(نشرت لأول مرة في موقع دورية العراق بتاريخ 22 حزيران 2007)اليوم اكثر من ثلاثة ارباع نفط العالم تملكه الحكومات . ولكن الحال لم يكن هكذا دائما. حتى الى ماقبل 35 سنة تقريبا ، كان نفط العالم بأيدي سبع شركات مقرها الولايات المتحدة واوربا. ومنذ ذلك الحين اندمجت هذه الشركات السبعة في اربع هي اكسون موبيل و شيفرون وشل والنفط البريطانية Bp . وهي من اكبر واقوى الامبراطوريات المالية في العالم . ولكن منذ ان فقدت هذه الشركات سيطرتها الحصرية على النفط الذي أممته الحكومات ، وهي تحاول استعادة نفوذها بأي شكل.
كان احتياطي نفط العراق – والذي يعتقد انه ثاني اكبر احتياطي في العالم – على رأس قائمة هذه الشركات . في عام 1998 قال كنيث دير وكان في حينها الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون في ندوة في سان فرانسيسكو "العراق يمتلك احتياطيات هائلة من النفط والغاز وهي احتياطيات احب ان تكون في حيازة شيفرون"
واذا تم تمرير قانون النفط العراقي الجديد الذي سيعرض على البرلمان العراقي هذا الشهر، سوف يكون الخطوة الاولى لتحقيق حلم شركات النفط. حسب القانون الجديد سوف يذهب معظم نفط العراق من ايدي الحكومة العراقية الى شركات النفط الدولية لمدة اجيال قادمة.
في مارس 2001 ، نصحت مجموعة سياسة الطاقة القومية (معروفة باسم قوة مهام ديك تشيني لشؤون الطاقة) والتي تضم رؤساء اكبر شركات الطاقة الامريكية ، بان تدعم حكومة الولايات المتحدة مبادرات لدول في الشرق الاوسط " من اجل فتح مجالات في قطاع الطاقة لديهم للاستثمار الاجنبي" وبعد غزو العراق و بعد الكثير من المناورات السياسية من قبل ادارة بوش ، يأتي قانون نفط العراق الجديد ليحقق هذا الهدف بالضبط والذي سيكون في صالح الشركات على حساب اقتصاد وديمقراطية وسيادة العراق.
منذ غزو العراق ، عملت ادارة بوش بقوة لتمرير قانون النفط . لقد اصبح احد الركائز المطلوبة من حكومة نوري المالكي وهي حقيقة يؤكدها بفخر ويدفع اليها بشدة، السيد بوش ووزيرة الخارجية كوندليزا رايس والجنرال وليام كيسي والسفير زلماي خليلزاد و بقية مسؤولي الادارة .
والادارة تروج لقانون النفط على انه سوف يحكم توزيع عائدات النفط بالعدل على قطاعات الشعب العراقي ولكن الحقيقةان القانون يسمح لمعظم عوائد النفط بالتدفق خارج البلاد الى جيوب الشركات العملاقة.
سوف يحول القانون صناعة النفط العراقية من نموذج التأميم المغلق امام شركات النفط الامريكية باستثناء عقود تسويق محدودة (ولكن سخية)، الى صناعة تجارية مخصخصة في معظمها مفتوحة بالكامل امام شركات النفط الدولية.
سيكون لشركة النفط العراقية الوطنية سيطرة حصرية على 17 من 80 من حقول النفط المعروفة ، مع ترك ثلثين من الحقول الاخرى الموجودة اضافة الى كل الحقول غير المستكشفة حاليا في ايدي الشركات الاجنبية .
ولن يكون ملزما للشركات الاجنبية استثمار ارباحها في الاقتصاد العراقي، او الشراكة مع العراقيين او توظيف عمال عراقيين او نقل التكنولوجيا الجديدة. بل انهم يستطيعون حتى تجاوز الاوضاع غير المستقرة حاليا في العراق بتوقيع العقود الان والحكومة العراقية بأضعف حالاتها ، ثم ينتظرون على الاقل سنتين قبل ان يضعوا اقدامهم في البلاد . وسيترك معظم نفط العراق تحت الارض لمدة سنتين بدلا من استخدامه في انعاش اقتصاد البلاد .
ويمكن ان تمنح الشركات العالمية افضل العقود الودية في العالم بضمنها مايسمى اتفاقيات مشاركة الانتاج . وهذه الاتفاقيات هي النموذج المفضل لصناعة النفط ولكنها ترفض غالبا من كل الدول المنتجة للنفط في الشرق الاوسط لأنها تمنح عقودا طويلة الآجال (20 الى 35 سنة في حالة قانون النفط العراقي الجديد) وسيطرة اكبر وملكية وارباح للشركات من اي نماذج اخرى . في الواقع مثل هذه العقود مستخدمة لما يقارب 12 % فقط من نفط العالم .
لدى جيران العراق مثل ايران والكويت والسعودية انظمة نفط مؤممة وقد رفضت هذه الدول السيطرة الاجنبية على تطوير مرافق نفطها وكل هذه الدول تستعين بشركات نفط عالمية كمقاولين لتوفير خدمات محددة حسب الحاجة ولمدة محدودة وبدون اعطاء الشركة الاجنبية اي مصلحة مباشرة على النفط المنتج.
وقد يختار العراقيون على الاكثر الاستعانة بخبرات الشركات الدولية . ومن المحتمل ان يفعلوا ذلك بما هو الافضل لمصالحهم اذا تخلصوا من الضغط الخارجي الهائل المتمثل بادارة بوش وشركات النفط ووجود اكثر من 140 الف جندي من الجيش الامريكي.
وقد اصدر خمسة اتحادات مهنية عراقية تمثل مئات الالوف من العمال بيانا يعارضون القانون ويرفضون:" تسليم السيطرة على النفط الى الشركات الاجنبية التي سوف تجور على سيادة الدولة وكرامة الشعب العراقي" وطالبوا بمزيد من الوقت وبرفع لضغوط وتوفير فرصة لممارسة الديمقراطية التي وعدوا بها "
**
انطونيا يوهاز : محللة تعمل في مجموعة دولية لمراقبة شركات النفط وهي مؤلفة كتاب "اجندة بوش: غزو العالم ، اقتصادا بعد آخر " وكتب اخرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق