الأحد، 27 نوفمبر 2022
السيارات الصغيرة الشجاعة
كتب باء
أخيرا تخلصت منها .. سيارتي الصغيرة الشجاعة . لم يكن لصبرها وعنادها حدود.
عندما إمتلكت سيارة أكبر فيما بعد، إكتشفت بما لا يترك مجالا للشك أن للسيارات الكبيرة قانونها الخاص فهي تعامل بعضها بإحترام لاتخطئه عين، بل إنك قد تجد واحدة تتأخر تأدبا لتفسح الطريق لأخرى، في حين لا تجد السيارة الصغيرة أية بادرة عطف، بل يزاحمها الكبار حتى تضطر لصعود الرصيف أو كما فعلت سيارتي حين ظلت سيارة نقل ضخمة تطاردها وترتمي عليها حتى تكاد تلتهمها ، فما كان من سيارتي إلا أن قفزت على سلم المشاة. ومثل كل الأخطاء التي ترتكب بحسن نية، كان ذلك هو الخطأ الذي أودى بها.
المدن غابات تجوب شوارعها وحوش معدنية ملونة .. زاهية احيانا، كالحة احيانا ، ومنذ أن تدحرجت أول عجلة على أرض التاريخ ، سلّم الإنسان نفسه لها وانصهر داخل معادنها وصار ينتمي لها ويكنى بإسمها . فإن تهبط من مركبة فخمة غير أن تنسلّ من سيارة صغيرة . لما انتهيت عند هذه النقطة من التفكير .. إنطلقت باتجاه المدينة وقد عزمت أمري .
مسحت بيدي على ظهرها الأخضر المحدودب على ذكرياتنا . ولوهلة أوشكت أن أرمي بنقوده في وجهه، لولا أن تكالب عليها إثنان يجبرانها على السير. فانطلقت والرجل الغريب بداخلها . وكان ذلك المشهد المزري آخر عهدي بها .
* نشرت في مجموعة ( وطن آخر) الصادرة عن سينا للنشر - القاهرة 1994
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
الأكثر مشاهدة خلال 30 يوما
-
تقافز الأطفال الثلاثة على الرمال، حتى وصلوا البحر، حيث غمست ليلى أصابع قدمها فى الماء، ودخلت متوجسة .. تبعها محمود بعد أن غرف قليلا من...
-
مجموعة أعمالي القصصية الكاملة من 1974 الى 2015 تصدر في مجلدين مع افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب. المجلد الأول كان ولاد ة عسيرة ، بسبب صع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق